السبت، 5 مايو 2012

استطالة


خلف كثيبٍ مهمل
يقعُ المحيط
يُرددُ في المدارات هسيساً
ثمةَ خطوات غائرة
على صدر الشاطيء
... ثمة أصداف
تتكسر
ومسافرة تستطيل
....
في المحيط
تئن زهرة
تعتصرُ تحت سياط الشمس
تحتفل عند شفاهها
الفراشات
والعصافير
والنحل
والذبابَ أيضاً
...
الزهرة
قافية عرجاء
مُثقلةٌ بالحنين
والدرب أبيض
مُحاطٌ باللعنات
منذ مطلع الموت
وحتى رفّة الميلاد
...
هُسس
ثمة دبيبٍ
يستحث الإعصار
أيتها الغافية
على قافية الشعر
استعدي
افسحي المجال
لمزيدٍ من الألم.

الاثنين، 19 سبتمبر 2011

البَرِيء


البَرِيء...
هُنَاكَ!...
عَلَى قَارِعَةِ الْغِيَابِ ، تَغَامَزَتْ النُّجُومُ عَلَى عَبَاءَةِ الليْلِ ، سَكَبَ الْبَدْرُ الْفِضَّةَ فَي الْكُؤوسِ ، غَازَلَ النَّسِيمُ قَصِيدَةً كَانَتْ جَاثِيَة في معبد ابن الملوح ، غادرتْ لتوها تتعثرُ في الخجلِ ، ثُمَّ تدثرتْ بارتعاشةٍ قاتمة الألوان ، ونامتْ في قاعِ الذاكرة.
تقدم شهريار ، يحملُ بين كفّيهِ سلةٍ قطف فاكهتها من مجرةٍ أخرى : وسادةٍ ناطقة ، كلما أسندت شهرزاد عليها رأسها ، كلما روتْ لها سرَّه ، وقادتها إلى القلعة التي يُخبئ فيها كنوزه .
وسادةٍ ، تجذبها بقدرةٍ عجيبة إذا حاولتْ الابتعادُ  عنها ،تجذبها ؛ لتُغنِّي لها أغنية حروفها فراشاتٍ يَحمنَ حول شهرزاد في الحلم واليقظة منذ الطفولة  .
في السلة أيضاً حارساتٌ خُلقنَ من نورٍ ونار، لا يسأمنَ السهر ، ولا يعكرنَ صفو الوسن ، يتقاطرنَ رقةً ، ويتوالد على أكفهن الربيع .
اقتربتْ من السلة بابتسامةٍ كالشمس ،فاعترضها عطر مئة جارية   ، تراجعتْ ، همتْ بخنق طفلها من شهريار في مهده ، غير أن الطفل كان يحملُ أجمل عينين ، ويناغي بأعذب الحكايات
فكرتْ قليلاً ، ثُمَّ انتظرتْ صياح الديك ، حضنتْ الطفل ، تسللت على رؤوس أصابعها، غافلتْ الحراس ، ثم أطلقتْ ساقيها للريح.
عانقها العراء من جديد ، ولثم خديها القيظ ، بينما الحارسات  يُبعثرنً في طريقها الياسمين لكي تلتفت.
لكنها لم تفعل.
 راحت تركض وتركض ، فإذا اجتاحها الظمأ، بلل الطفل شفتيها بخرافةٍ ملونة ، ثم عاد يلتصق بصدرها لا يحيد عنه لحظة .
كانت كلما ابتعدتْ ، كلما كبر الطفل بين ذراعيها ، والتصق  بها أكثر ، حتى وجدت ذات ليل ، مدفونة تحت كومةٍ  من الحكايات .


غَنِيمَة




غَنِيمَة


سَعَتْ بَيْنَ السَّرَابِ والسَّرابِ ألْفَ مَرَّةٍ ، نَزَفَتْ قَدَمَيْهَا ، وَلَمْ يَنْفَجِر المَاءَ تَحْتَ  قَدَميَّ الْذَبِيحِ.
أنَاخَتْ لِجَامَ الحِكَايَاتِ الْمُهْتَرئَةِ، اتَّكَأتْ عَلَى كَتِفِ لَحْظَةٍ هَارِبَة ، ثُّمَ فَتَحَتْ المَزالِيجَ أمَامَ طُوفَانِ النَّزْفِ.
عِنْدَ المَحَطةِ الأخِيرةِ لِقَاطِرةِ الزَّمَنِ ، قَرَرَتْ التَّوَقُفِ والتَّنَفُّسِ لِبَعْضِ الوَقْتِ.
وَقَفَتْ عَلَى حَافَةِ الغِيَابِ ، تَفَيَّأتْ ظِلَّ غَيْمَةٍ وَارِفَةَ الشَّجَنِ ، فَاشتَعَلَ سِرَاجُ الكَلِمةِ ، وَأشْرَقَتْ بَيْنَ الحُرُوفِ شَمْسٌ،  ظَنَّتْ أنَّها اغتِيلتْ مُنْذُ عُقُودٍ.
فَجْأةً ، وَجَدَتْ نَفْسَهَا وَسَطَ سَاحَةِ قِتَالٍ : إذَا لمْ تَقْتُلْ ، سَتُقْتَلُ.
بِشَجَاعَةٍ غَيْرِ مَعْهُودةٍ مِنْهَا ، ارتَدتْ دِرْعَهَا الرَّثِ ، امتَشَقَتْ سَيْفَهَا الخَشَبِي ، امتَطَتْ جَوَادَهَا الهَرِمُ ، وَقَاتَلتْ بِكُلِّ شَرَاسَةٍ .
عِنْدَمَا لَمْلَمَ المَسَاءُ آخِرَ خُيُوطَ الضَّوءِ ، عَادَتْ مُثْخَنَةٍ بِالحِكَايَاتِ ، تَقُودُ ألفَ قَافِلَةٍ مُحَمَلَةٍ بِدِنَانِ الخَيْبةِ.

جــــــارتــــي


جــــــارتي

على بعد نقطتين من حرفي  ،تسكنُ امرأةٌ محتشدة بالطلاسم .
تقضي جُلَّ وقتها في الثرثرة ، حيناً بصوتٍ خافت يشبه الأنين ، وأحياناً بصوتٍ راعد يشبه العواء .
تسترق السمع إلى قرقعة أحشائي  ، تتآمر مع الريح ، وتغزو برائحة طبيخها الشهي غرفتي ، فأصاب بالزكام.
البارحة رأيت لها رؤيا ، اعتراني ناحيتها شيء من الخوف ، قادتني خطاي المشفقة نحوها ، أخبرتها عن الرؤيا ، ففتشتْ في دفاتر يوسف ، قالتْ :
-        ستصلبين ويأكلُ الطير من رأسك .
غمرني شعور بالسعادة ، عُدتْ إلى داري أتعثر في حلم وردي ، أشرعتُ نوافذي وأبوابي ، ناديتها ، فأطلّتْ ، قلت لها :
-        هيت لكِ .
ومنذ تلك اللحظة ظلتْ تعيث في متاعي ، تعصر منديلها  في أوردتي ، تنشر غسيلها المعتقِ على بابي ، وتسكب على عتبة داري خلاصة موتٍ بطيء .

السبت، 23 يوليو 2011

المَنْبُــــــــوذَة



اجتمع أهلُ الشرقِ في سوقِ عكاظ ، قام جميل ، وطوق جيد بثينة بعقدٍ من ياسمين ، قام ابن زيدون وغسل ثوب ولادة ثم نسج فيه دوحةً غنّاء جمع لها أزاهير الدنيا ، أما عنترة فقد لازم تقبيل السيوف .
جاء دور شهريار ، اعتلى المنصة مرتبكاً ، فتش في الذاكرة عن وردة أضاعها يوماً بحمقه ، بكى فأبكاهم ، صفقوا له حتى سال الدم بين أكفهم ، نحتوا وجهه في الجبل ، وراحوا يرطبون شفاههم باسمه.
وجود شهريار في المكان شجع شهرزاد فاعتلت المنصة دون دعوة ، غضب شهريار ، وترجم غضبه في بعض البصاق، أما رواد عكاظ ، فقد شدت شهرزاد أبصارهم  ، ظلوا صغاراً ، لم يتجاوزوا عتبة الأنثى.
أصرت أن يكبروا رغم غضب شهريار ، أعادت نكث الصرة ، أخرجت وعائها المثقل بالهزائم ، ودلقت أمامهم ذاكرة مرة ، صارت في حلوقهم بطعم الشهد .
وقفوا مشدوهين ، صفقوا بحرارة ، هتفوا من قلوبهم :
-         كم أنت رائعة !
في اليوم التالي استيقظوا  بوجوه عابسة ، حوقلوا واستغفروا ، لملموا كلماتها علقوها في لوحة على بوابة المدينة .
وقفوا يقرءون العنوان الذي رشقوه فوقها  بابتسامات عريضة يملؤها الرضا :- (هذه أناشيد العُهر) .

الجمعة، 22 يوليو 2011

المملكة اللغز









آهٍ شهرزاد ، ...كم  هو هائل  هذا الذي تحملين .
تقفين كل يوم على شرفات حصنك ِالمسور  ، تراقبين انكسار الجيوش عند أسواره العنيدة، وبطرف خفي تنظر ين برجاء إلى الباب السري المطمور بين الأعشاب النهرية ، والذي لو تمكن أحد من العثور عليه لسقطت مملكتكِ  بكل سهولة ،
تقطعين سيف الوقت  بقضم أطراف أظافرك ِ، وعندما تبتسم نجمة المساء في الأفق البعيد ، يحين موعد لمِّهم لأذيال الخيبة ،تشيعينهم حتى يختفون في الأفق ، تعودين  إلى قصركِ المرصود ، وفي ركنكِ المعهود ، تضعين وجهكِ  بين كفيكِ ، تبكين هزيمتهم.